السؤال – الجواب 35

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي

ما معنى أن سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه هو خاتم الأولياء رغم أنه يوجد أولياء في عصرنا الحالي؟

الجواب

حول هذا السؤال يجيب سيدي العربي بن السائح رضي الله عنه في كتابه “بغية المستفيد” حيث يقول:

 “معنى الختمية في هذا المقام هو أن لا يظهرَفيه أحدٌ بالكمال الذي ظهر به فيه هذا الختم رضي الله عنه ، و ليس المراد أنه لا ولي بعدَه لأن ذلك إنما هو معنى الختمية في مقام النبوة و الرسالة ، فإنه ختم على نبينا صلى الله عليه و سلم فلا نبي و لا رسول بعده ، و معنى الختمية فيه هو أن لا يظهر أحد في ذلك المقام بعده أصلا .وأما معنى الختمية في مقام الولاية الظاهرة والباطنة بقسميها فهو أن معناه أن لا يظهر أحد في ذلك المقام قبله ولا بعده بالظهور الذي ظهر به فيه من الكمال ”

وقد قدم قبل هذا توضيحا لمعاني الختمية في الولاية  حيث يقول رضي الله عنه :إذ الولاية من حيث هي على قسمين ظاهرة و باطنة ، فالظاهرة لأهل الأمر و التصريف الظاهر وهي معروفة ، وهذه الولاية تختم على الإمام العدل المسمى المنتظر (المهدي) الذي يظهره الله آخر هذه الأمة حسبما هو مشهور من خبره .و الباطنة لأهل التصريف الباطن وهذه الباطنة تنقسم إلى قسمين أيضا عامة وخاصة فالعامة من آدم إلى سيدنا عيسى عليه السلام و عليه تختم حين ينزل في آخر الزمان. و الخاصة (في امّتنا المحمدية) هي من نبينا صلى الله عليه و سلم الى الختم الأكبر الذي يختم عليه مقامها و ينتهي اليه مرامها و الأقطاب المخصوصون بإدراك مقام ختم القطبانية هم أهل الولاية الباطنة الخاصة ، و يسمى كل واحد ممن بلغ مقام الختمية بمعنى من المعاني المتقدمة بالختم و بالخاتم كذلك .فالختم بالمعنى الأول هو الذي بلغ الرتبة العليا من القطبانية ، لكن في زمانه خاصة ، لأن القطب من حيث هو واحد في زمانه ، و على هذا فلا اشكال في قول من قال ان لكل زمان ختما ‘ الا أنه ليس المراد انه لا يخلو زمان عنه و الا لزم ان يدرك كل واحد من الأقطاب هذه الدرجة ، بل المراد انه يتعدد وجود من يبلغ هذه الدرجة في الأقطاب بمعنى انه يأتي على رأس كل مدة من يصل ذلك المقام كما ورد في المجدد من انه يكون على رأس كل مائة سنة …و الختم بالمعنى الثاني هو الإمام الذي يبعثه الله في آخر الزمان حكما عدلا واحد في الزمان بلا شك عند القائل به ، و عليه أهل الكشف رضي الله عنهم و الختم بالمعنى الثالث هو الذي تختم عليه الولاية العامة الباطنة ، فهو واحد كذلك أيضا وهو سيدنا عيسى عليه السلام و أما الختم الأكبر الذي هو ختم الولاية المحمدية(سيدنا أبو العباس أحمد ابن محمد التجاني رضي الله عنه) فهو واحد ايضا في الزمان لا يكون منه الا واحد من عصر النبي صلى الله عليه و سلم اليه ، يختم به الله الولاية المحمدية ، اعني الباطنة … و معنى الختم في هذا المقام انه لا يظهر بكمال الظهور الذي ظهر به فيه أحد قبله و لا بعده …و من علاماته أنه يحقق مواجيد الأولياء كلهم و يختص عنهم بوجده كما حقق خاتم الأنبياء مواجيد الأنبياء كلهم واختص عنهم بخصوصيته  …….و قد ذكر هذا الختم غير واحد من الأئمة الكبار رضي الله عنهم …… كالحاتمي و الشاذلي رضي الله عنهما و الإمام المحدث الصوفي أبو عبد الله محمد الترمذي الحكيم ……أما الشيخ محيي الدين رضي الله عنه فذكره في عدة مواضع من كتاب الفتوحات المكية وألف فيه بالخصوص كتابه الذي سماه عنقاء مغرب في شمس الأولياء وختم المغرب ….وكذلك الشعراني رضي الله عنه في اليواقيت والجواهر وفي الطبقات وغيرهما .إهـ و من كلام سيدي أبا العباس أحمد التجاني رضي الله عنه عن حقيقة القطبانية قوله :” القطبانية هي الخلافة العظمى عن الحق تبارك و تعالى مطلقا في جميع الوجود جملة و تفصيلا …” والأقطاب متفاوتون في هذا وأكملهم درجة هو من بلغ الرتبة العليا المسماة بختم المقامات ، ولم يرتقه منهم إلا القليل لبعد مرامه ، و أعلاهم هو الختم الأكبر الذي هو ختم الولاية المحمدية يختم به الله الولاية المحمدية الباطنة كما نبه رضي الله عنه أن سيد الوجود صلى الله عليه و سلم أخبره يقظة بأنه هو الخاتم المحمدي المعروف و بأن مقامه لا مقام فوقه في بساط المعرفة بالله ، و هذا الختم هو المتلقي لجميع ما يفاض من ذوات الأنبياء عليهم السلام من الإمداد وهو المفيض على جميع الأولياء وإن لم يعلموا به إلى غير ذلك من فضائله العظام .إهـ

وفي كتاب قاموس المصطلح الصوفي لأيمن حمدي التجاني : قد يتصور البعض أن الختمية تعني أنه ثم ولي خاتم ليس بعده ولي وهذا أول ما يجب نفيه ، فالإمام المهدي رضي الله عنه يختم به الله الولاية العامة آخر الزمان ولا يستطيع مسلم أن يقول أن الولاية تنتهي عند فلان فمدد الله لا ينقطع عند أوليائه إلى يوم الدين كذا يبعث الله تعالى عيسى عليه السلام وليا ليحكم بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم ويختم الولاية المطلقة ……وربما يبني البعض تصورهم على كون رسول الله صلى الله عليه وسلم ختم النبوة والرسالة فيظن أنها ختمية زمانية حاشا لله أن يتطرق لعقيدة المسلم مثل هذا الظن . فقد قال صلى الله عليه وسلم {إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيئين وإن آدم لمنجدل في طينته }رواه الإمام أحمد في مسنده والحاكم والبيهقي فهو صلى الله عليه وسلم النبي الجامع لمشارب الأنبياء والمرسلين لذا قال : {والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني }رواه الامام أحمد في مسنده ومن هنا يتضح أن الختم هو الجامع للأمر كله ختامه وإبتداءه.إهـ

وفي الدرة الخريدة شرح الياقوتة الفريدة لسيدي النظيفي رضي الله عنه عند قوله : به ختم المولى كمال الولاية ما نصه : {ختم }يقال ختم الشيء بلغ غايته ونهايته إهـ

وفي كتاب رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم لسيدي عمر الفوتي رضي الله عنه الباب السادس والثلاثون قال : قد أخبرني شيخي وسيدي محمد الغالي أبو طالب الشريف الحسني وأنا معه في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام : إن الشيخ { أي سيدي أحمد التجاني }رضي الله عنه وأرضاه وعنا به قال ذات ليلة في مجلسه أين السيد محمد الغالي فجعل أصحابه ينادون أين السيد محمد الغالي على عادة الناس مع الكبير إذا نادى أحدا فلما حضر بين يدي الشيخ قال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به : قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى ، وقال سيدي محمد الغالي وكان لا يخافه لأنه من أكابر أحبابه وأمرائهم ياسيدي أنت في الصحو والبقاء أو في السكر والفناء فقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به أنا في الصحو والبقاء وكمال العقل ولله الحمد وقال قلت : ما تقول بقول سيدي عبد القادر رضي الله عنه قدمي هذه على رقبة كل ولي لله تعالى فقال صدق رضي الله عنه يعني أهل عصره وأما أنا فأقول قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى من لدن آدم إلى النفخ في الصور قال فقلت له ياسيدي فكيف تقول إذا قال أحد بعدك مثل ما قلت فقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به لا يقوله أحد بعدي قال فقلت له يا سيدي قد حجرت على الله تعالى واسعا ألم يكن الله تعالى قادرا على أن يفتح على ولي فيعطيه من الفيوضات والتجليات والمنح والمقامات والمعارف والعلوم والأسرار والترقيات والأحوال أكثر مما أعطاك فقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به : بلى قادر على ذلك وأكثر منه لكن لا يفعله لأنه لم يرده ألم يكن قادرا على أن ينبيء أحدا ويرسله إلى الخلق ويعطيه أكثر مما أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم قال قلت بلى لكنه تعالى لا يفعله لأنه ما أراده في الأزل فقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به وهذا مثل ذلك ما أراد في الأزل ولم يسبق به علمه تعالى .إهـ

وقال العلامة سكيرج في : وقد أعرب الشيخ التجاني رضي الله عنه عن ولايته المحمدية وقطبانيته وختميته وكتميته فلم يبق إلا تصديق المعتقد لما أخبر به عن نفسه اقتداءا بالنبي صلى الله عليه وسلم في قوله أنا النبي لا كذب حيث أعرب عن نفسه فصدقه من أراد الله سعادتهم وأما المنتقد المكذب فلا كلام لنا معه .إهـ

وفي كتاب عنقاء لإبن العربي الحاتمي قال فيه : سألت الله أن أجتمع بخاتم الأولياء فأجابني واجتمعت به اجتماعا روحانيا منزها عن الوقت والزمان وكان ذلك بمدينة فاس ورأيت العلامة التي أخفاها الله تعالى فيه عن عباده وكشفها لي حتى رأيت خاتم الولاية المحمدية منه ورأيته مبتلى بالإنكار عليه لما يتحقق به في سره من العلوم اللدنية وكان ذلك سنة 595هـ وكنيته أبو العباس وأنه مكتوم الإسم عنهم أي أنه مكتوم لا يعرفه الأولياء ولا يشمون له رائحة أصلا رغم إيمانهم بوجود المقام .إهـ

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي