السؤال – الجواب 38

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي

أريد أن أعرف العلاقة بين الشيعة أهل البيت والطريقة التجانية هل كان شيخ الطريقة شيعيا ؟وهل يجوز في التجانية أن تكون شيعيا؟ (أسئلة جمعناها لمدارها حول نفس الموضوع)

الجواب

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله 
السائل أو السائلة الكريمة، 
أما بالنسبة لسؤالك حول إن كان الشيخ أحمد التجاني قدس الله سره شيعيا

 فالجواب هو لا ، فهو سني المذهب بتغليب مالكي دون التقيد به ، و العلاقة التي تجمعه مع الشيعة هي استغراقه رضي الله عنه في محبة ساداتنا آل البيت رضي الله عنهم . 
ورد في ” جواهر المعاني ” : ” ويحب أل البيت النبوي المحبة العظيمة ويودهم المودة الجسيمة ويهتم بأمورهم لا يزال حريصا إلى إيصال الخير إليهم ويضرع إلى الله فيما يصلحهم ويكرمهم الإكرام ويبر غاية بهم أشد البرور ويتواضع لهم أشد التواضع ويتأدب معهم أحسن الأدب وينصحهم ويذكرهم ويرشدهم إلى التخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بسنته، ويقول: الشرفاء أولى الناس بالإرث من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويحض على محبتهم، وتوقيرهم والتواضع لهم والأدب معهم، ويبين عظيم مجدهم ورفيع قدرهم، ويرى أن التواني في أمورهم ومحبتهم نقص في الإيمان ولا يحب من يناويهم، أو يباريهم أو يخل بالأدب معهم، ويشدد النكير على من فعل ذلك معهم رضي الله عنه وعنهم ومتعنا برضاه آمين .”.
وقال العلامة سكيرج رضي الله عنه في أجوبته :” 
وقد كان الشيخ رضي الله عنه في حب هذا الجانب، بما علت به مرتبته لأعلى المراتب، ورأى الناس من إخلاصه في موالاة آل البيت وصدق محبتهم قيد حياته ما بهر المتمسكين بحبل حبهم، فتنافسوا معه في المحبة فلم يدركوا شأوه. وقد كان يوصي أصحابه وأحبابه على تعظيم آل البيت والصدق في محبتهم في السر والعلانية بإخلاص نية، ويؤكد على الشرفاء في تعظيم بعضهم بعضا ويقول ما معناه : لا ينبغي للشريف أن يتهاون بحق الشريف، فإن العوام غير مخاطبين وحدهم بولائهم..

بالنسبة للشطر الثاني من سؤالك : وهل يجوز في التجانية أن تكون شيعيا؟ : 
 فهو سؤال نظري بالدرجة الأولى ، فمن الناحية النظرية شروط الطريقة معلومة للجميع ليس فيها وجوب التقيد بمذهب معين و إنما تُلَقَّنُ الطريقة التجانية لكل من طلبها من المسلمين ، ذَكَرا كان أو أنثى ، صغيرا أو كبيرا ، حُرّاً أو عبدا ، طائعا أو عاصيا ، بشرط أن يلتزم بشروطها ، وأن يَصْدُق الله على ما عاهد عليه. 
وكناقد طرحنا هذا السؤال شفويا على أحد كبار علماء الطريقة التجانية المرحوم  سيدي إدريس العراقي رضي الله عنه  فأجاب بما مضمونه:” 
ليس هناك شرط في الطريقة التجانية يجبر المريد أن يكون تابعا لمدرسة أو لمذهب معين خاصة في الفقه أو أن يكون تابعا للمذهب السني أو الشيعي  فكل واحد حر في اختياره، الاعتبار الوحيد في ذلك هو صحة العقيدة ، (لأن من بين من ينسبون أنفسهم الى الشيعة طوائف و أقليات ذات معتقدات منحرفة ومزورة مرفوضة من قبل الجميع).” 
لذلك فليس هناك مبرر للقول بأن كل الشيعة “ضالون” أو كلهم ” مهتدون “،  كما هو الحال أيضا في بعض أدعياء التصوف في وقتنا الحالي ، فكل شيء منوط بصحة المعتقدات و الأفعال و موافقتها لأصول الدين و الشريعة . 
لذلك، يجب على المرء أن يدرك أن هذا الدين الحنيف هو دين الوسط و الاعتدال وإنها لمخاطرة كبيرة جدا أن نتبنى المواقف المتطرفة البعيدة عن الاحترام المتبادل. 
و أشد من ذلك خطرا الاشتراك في نقد أولئك الذين اختارهم الله لمرافقة نبيه صلى الله عليه وسلم سواء من أهله أو أصحابه ، قال الله تعالى : { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} [الفتح ، 18 ] 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”  الله الله في  أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه .” 
قال تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيرا }   [ سورة الأحزاب ، 33 ] 
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ : أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ ، مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَأَخَذَ بِهِ كَانَ عَلَى الْهُدَى، وَمَنْ تَرَكَهُ وَأَخْطَأَهُ كَانَ عَلَى الضَّلالَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرْكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي  ثَلاثَ مَرَّاتٍ .” .
فليس هناك عاقل مهما كان مذهبه الذي ينتسب إليه سنيا أو شيعيا ممن يغامرون في هذا الميدان الخطر لتبرير رفضهم و نبذهم للطرف المقابل ما يستندون عليه من أقوال السلف الصالح وأفعالهم وهي أشياء بعيدة عن التربية النبوية المشرفة وهذه أمثلة على بعض المواقف المعتدلة من أعلام الشيعة و كتبهم . 
 قال سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في نهج البلاغة : ” لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فما أرى أحداً يشبههم منكم لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجّداً وقياماً يراوحون بين جباهِهِم وخـدودهم ويقفون على مثل الجمر من ذكر معـادهم، كأن بين أعينهم رُكب المعزي من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومـادوا كمـا يميـد الشجـر يوم الريح العاصف، خـوفاً من العقاب ورجـاءً للثواب.”. 
و في “كشف الغمة في معرفة الأئمة”، أنه سئل الإمام أبو جعفر عن حليته السيف هل تجوز؟ فقال: “ نعم قد حلى أبو بكر الصديق سيفه بالفضة.”، فقال (السائل):” أتقول هذا؟” فوثب الإمام عن مكانه، فقال:” نعم، الصديق، نعم الصديق، فمن لم يقل له الصديق، فلا صدق الله قوله في الدنيا والآخرة“. 
قال  الشيخ  أبو جعفر محمد ابن علي بن بابويه القمي في رسالة الاعتقادات تحت عنوان : الاعتقاد في مبلغ القرآن : ” اعتقادنا ان القرآن الذي انزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم و ما بين الدفتين وما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربعة عشر سورة وعندنا والضحى وألم نشرح سورة واحدة ولإيلاف وألم تر كيف سورة واحدة ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب.”.

و لهذا فنحن نحن نؤيد ما ورد ضمن البيان الختامي لمؤتمر القمة الإسلامي الأول بعمّان 1426/2005 وبمشاركة أكثر من مئة وسبعين عالماً من مختلف بلاد المسلمين ومن أتباع المذاهب الإسلامية الثمانية حيث أقر ممثلو أتباع هذه المذاهب بناءً على فتاوى جميع المراجع الدينية الإسلامية وأجمعوا على ما يلي:

أولاً: 
إن كل من يتبع أحد المذاهب الأربعة من أهل السنة والجماعة (الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي) والمذهبين الشيعيين (الجعفري والزيدي) والمذهب الأباضي والمذهب الظاهري فهو مسلم ولا يجوز تكفيره ويحرم دمه وعرضه وماله ولا يجوز أيضاً تكفير أصحاب العقيدة الأشعرية ومن يمارس التصوف الحقيقي وكذلك لا يجوز تكفير أصحاب الفكر السلفي الصحيح كما لا يجوز تكفير أي فئة أخرى من المسلمين تؤمن بالله سبحانه وتعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وأركان الإيمان وتحترم أركان الإسلام ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة. 
 ثانيا: 
 إن ما يجمع بين المذاهب أكثر بكثير مما بينها من الاختلاف. فأصحاب المذاهب الثمانية متفقون على المبادئ الأساسية للإسلام فكلهم يؤمنون بالله سبحانه وتعالى واحداً أحداً وبأن القرآن الكريم كلام الله المنزل وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام نبياً ورسولاً للبشرية كافة وكلهم متفقون على أركان الإسلام الخمسة الشهادتين، والصلاة، والزكاة وصوم رمضان، وحج البيت وعلى أركان الإيمان ، الإيمان بالله، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره واختلاف العلماء من أصحاب المذاهب هو اختلافٌ في الفروع وليس في الأصول وهو رحمة وقديمًا قيل أن اختلاف العلماء في الرأي أمرٌ جيد. 
ثالثا: 
 إن الاعتراف بالمذاهب في الإسلام يعني الالتزام بمنهجية معينة في الفتاوى فلا يجوز لأحد أن يتصدى للإفتاء دون مؤهلات شخصية يحددها كل مذهب ولا يجوز الإفتاء دون التقيد بمنهجية المذهب ولا يجوز لأحد أن يدعي الاجتهاد ويستحدث مذهباً جديدًا أو يقدم فتاوى مرفوضةً تخرج المسلمين عن قواعد الشريعة وثوابتها وما استقر من مذاهبها.

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي