سيدي أحمد بن عبد الرحمن السمغوني رضى الله عنه

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي

و منهم الولي الكامل ، و العارف الواصل ، البركة الأمجد ، السيد أحمد بن عبد الرحمن السمغوني . أحد الخاصة من أصحاب سيدنا رضي الله عنه الذين سلموا إليه الإرادة حتى صعد في ذروة المجادة . و كان رحمه الله ذا جد و اجتهاد في سلوكه نهج الرشاد ، ذا همة علية ، و نفس أبية ، لا ترضى بسفاسف الأمور ، و يحب معالي الأشياء في الغيبة و الحضور . و كان معظما عند العامة و الخاصة .

و قد حدثني سيدي و مولاي العارف بربه أحمد العبدلاوي نفعني الله به ، أن صاحب الترجمة تلاقى مع الخليفة الأكبر سيدي الحاج علي التماسيني بأبي سمغون ، و تكلم معه في شأن أولاد سيدنا رضي الله عنهم ، حتى قال له : إن أولاد سيدنا رضي الله عنه لا يأتي بهم أحد من فاس ، و لا يحبون الخروج منها إلى الصحراء فيما أظن إلا بسر . فقال له سيدنا الحاج علي رضي الله عنه : « إني سآتي بهم بالسر ، و ستنظر ذلك » .

ثم قدم سيدنا الحاج علي رضي الله عنه لفاس ، فوجد أولاد سيدنا رضي الله عنهم في ضجر و قلق مما حصل لهم . فأخذهم ، و ارتحل بهم ، بعد أن وقع بينه و بين أصحاب سيدنا رضي الله عنهم القاطنين بفاس كلام في عدم تركهم أولاد سيدنا رضي الله عنه للسفر معه . حتى أدى الحال بهم إلى رفع أمرهم إلى أمير الوقت مولانا سليمان قدس الله روحه في الجنان . فقال فقراء فاس إن أولاد الشيخ رضي الله عنه ازدادوا بفاس ، و هي مقرهم ، فلا يخرجون منها . و قال سيدنا الحاج علي قدس سره إن أصلهم من عين ماضي ، و مددهم ليس بهذه البلد ، بل هو في الصحراء . إشارة لقول سيدنا رضي الله عنه « أولادي لا تليق بهم إلا الصحراء ، يصلحون فيها و يعيشون » . فحكم الحاكم لسيدي الحاج علي رضي الله عنه بالسفر بهم على شرط رضاء أولاد الشيخ رضي الله عنه بذلك . ثم وقع الصلح بين سيدنا الحاج علي رضي الله عنه و بين الفقراء .

و من جملة ما خاطبوه به قولهم : نحبك أن تخبرنا بالواحد ا لذي أخبر به سيدنا رضي الله عنه إن ظهر في هذه الطائفة المحمدية . بعد أن ذكر سيدنا رضي الله عنه أن طائفة من أصحابه رضي الله عنهم لو اجتمعت أقطاب هذه الأمة ما وزنوا شعرة من بحر أحدهم ، و أن هذا الواحد قد ظهر ، و أخبر أنه فاسي أما و أبا ، و لم يعينه رضي الله عنه ، بل أخفاه غاية . 
فقال لهم سيدنا الحاج علي رضي الله عنه : « و ماذا تفعلون به إذا أريتكموه ؟ » . فقالوا له : نعظمه ، و نمتثل لما يأمرنا به . فقال لهم رضي الله عنه : « و هل هو إلا خديم لسيدنا رضي الله عنه و أولاده » . فقالوا له : نعم . فقال لهم : « يكفيكم تعظيمهم ، و امتثال أمرهم ، أولى لما فيه من امتثال أمر الشيخ رضي الله عنه . و هم يأمرونكم بترك المخاصمة في شأن سفرهم إن أردتم رضاء الله برضى الشيخ رضي الله عنه » .

فعندئذ رجع فقراء عن المعارضة لهم في السفر . فسافر سيدنا الحاج علي رضي الله عنه بأولاد سيدنا رضي الله عنه ، بعد أن تركوا كل عين باكية لفراقهم ، و قلوب الفقراء مضرمة نيرانها بأشواقهم ، و الناس متعجبون في سفر أولاد الشيخ رضي الله عنه بعدما كانوا يعتقدون استحالة وقوعه .

و في ذلك ظهرت كرامتان :
الأولى : لسيدنا رضي الله عنه . فإنه أخبر رضي الله عنه بأن أولاده لا تليق بهم إلا الصحراء يصلحون فيها و يعيشون ، و البنت لا تليق بها إلا الحاضرة .

قال في الإفادة الأحمدية :
سببه : أن بعض الأحباب عرض عليه بنته لولده سيدي محمد الحبيب ، فتعلل بذلك . و ما تمت السنة حتى كانوا قاطنين بها .

و الكرامة الثانية : لسيدنا الحاج علي رضي الله عنه . فإنه قد أخبر صاحب الترجمة بأنه سيأتي بهم بالسر ، و قد أتى بهم للصحراء كما قال رضي الله عنه .

فائدة :
حدثني أخونا سيدي محمد العبدلاوي حفظه الله و رعاه ، أنه سأل الولي الصالح سيدي العربي بن السائح رحمه الله و رعاه عن هذا الرجل الفاسي الذي أخبر به سيدنا رضي الله عنه . فقال له رضي الله عنه : « ليس المراد به أنه فاسي البلد ، بل المراد بالأم الطريقة و بالأب روحانية سيدنا الشيخ رضي الله عنه » انتهى .

أقول :
و قد بسط القول على نحو ما نحن فيه في كتابه البغية ، عند قول المنية في تعداد فضائل سيدنا الشيخ رضي الله عنه :

طائفة  مِنْ صَحبِه لَو اجْتمَعْ… أقطابِ أمّةِ النَّبيِّ المُتبَع
ما وَزنوا شعرة  مِن فَردِ… مِنها فكيفَ بالإمام  الفَردِ
جعلنا مَن خَلق البَريَّة… مِنْ هذهِ الطَّائفَةِ العَليَّةِ
و عَنهُ في عَددِ هذه الفِئه… مِنْ صَحبِه أكثَرَ مِن ستّمائه

فلينظره من أراده و الله الموفق

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي