سيدي الحاج علي حرازم براده رضى الله عنه

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي

هو الولي الكامل، و العارف الواصل, الخليفة الأعظم , الجامع لأشتات المعارف و الأسرار, أبو الحسن سيدي الحاج علي بن العربي برادة المغربي الفاسي أكبر خاصة الخاصة من أصحاب سيدنا رضي الله عنه . كان رحمه الله من العارفين الواصلين و الأولياء الكاملين الخائضين في بحور المعارف حتى بلغ الذروة العليا و امتاز بالفتح الرباني بين اهل الدين و الدنيا .

من مناقبه أن الشيخ رضي الله عنه أخبربأن النبي صلى الله عليه و سلم قال في حقه  ـ هو منك بمنزلة أبو بكر مني. ويروى في بعض المشاهد خاطب النبي صلى الله عليه و سلم الى سيدنا رضي الله عنه ما نصه
ياأحمد استوص بخديمك الأكبر و حبيبك الأشهر علي حرازم فإنه منك بمنزلة هارون من موسى فالله أكبر و أجل و أعظم و لا وصية أوصيك على خديمك أكبر من هذه الوصية و السلام.

وسبب أخذه عن سيدنا رضي الله عنه رؤيا رآها قبل الإجتماع به و نسيها حتى ذكره بها سيدن رضي الله عنه عند ملاقاته في مدينة وجدة سنة إحدى و تسعين و مائة و الف حين خرج من تلمسان قاصداً زيارة  مولانا إدريس رضي الله عنه .
و لما لقيه هناك تعرف له سيدنا  رضي الله عنه و ذكر له رؤيا سلفت له تدل على صحبته إياه ، و قد كان أنسيها حتى ذكره سيدنا رضي الله عنه إياها عن طريق المكاشفة ، فلما تذكرها و تحقق أن سيدنا رضي الله عنه أخبره صدقاً،  قال له رضي الله عنه ، أما تخاف من الله تتعبني من مكاني إليك فلا حاجة لي إلا ملاقاتك ،فأحمد  الله على ذلك . فقال صاحب الترجمة رضي الله عنه : فحمدت الله و شكرته و علمت أن الله تعالى تفضل عليّ و أنه رضي الله عنه هو الكفيل لي و المتولي جميع أُموري بتصريحٍ منه بذلك إليّّ .

فتوجه معه إلى  فاس ولما وصلا اليها أقاما بها مدة لزيارة الروضة الإدريسية ، ثم لقنه رضي الله عنه الطريقة الخلوتية و ألقى إليه ما قسمه الله له على يده من العلوم و الأسرار السنية، و عندما أراد الرجوع إلى تلمسان قال له  موادعا : الزم العهد و المحبة حتى يأتي الفتح إن شاء الله تعالى.

لقد كان سيدي علي حرازم خليفة للشيخ رضي الله عنه في حياته حسبما صرح بذلك رضي الله عنه وذلك عن إذن من الحضرة المحمدية عليها صلوات الله وسلامه .  فهو العارف بالله تعالى أبو الحسن سيدي علي حرازم بن العربي برادة الفاسي رضي الله عنه. و هو مؤلف  جواهر المعاني، مع كونه لا يد له في العلوم الرسمية و له مناقب كثيرة منها أن الشيخ رضي الله عنه أخبر بِأن النبي صلى الله عليه و سلم يحبه محبة خاصة تفوق محبة الأولاد. و منها أنه رضي الله عنه قال فيه ، ما قاله فأنا قلته.

و منها و هي من أعظمها أن الشيخ رضي الله عنه قال: لا يصل إلى أحد مني شيء إلا على يد سيدي حاج علي حرازم و يعتقد بعض أهل البصا ئر بل كافة الأصحاب المعتبرين في أذواق و أسرار الطريقة  أنّ ذلك في حياته و بعد مماته 
و كان بعض أهل الفتح من أصحاب الشيخ رضي الله عنه ربما أشار إلى نفسه بهذه الخصوصية و يذكر ما يفهم منه أنّه أقيم مقام سيدي الحاج علي في ذلك بعد مماته، و يمكن التوفيق بأن المدد الجاري من حضرة الشيخ رضي الله عنه عموما و خصوصا لا يتلقى إلا بواسطة سيدي علي حرازم غيبا وأن السيد المذكور ناب منابه في عالم الشهادة و الحس بعد وفاته،  فلا مانع من أن يخلف هذا السيد غيره و الله أعلم, و بهذا يحصل الإعتقاد الكامل فيهما معا و ينتفع بملاحظة وساطة الأول غيباً والثاني أو غيره ممن عسى أن يقام في ذلك المقام مشهدا و فضل الله واسع و الله أعلم
و الأخبار المتعلقة بهذا السيد الجليل لا يمكن إستيفاؤها هنا. 
و من فضائل صاحب الترجمة و هي من أعظم كراماته أنه تلاقى مع القاضي أبي محمّد شمهروش الصحابي المذكور. و قد تلقى منه بإذن سيدنا رضي الله عنه الحزب السيفي مشافهة كما هو معروف عند الخاصة من الأصحاب.
و من خصوصياته الدالة على شفوف مرتبته تأليفه المسمى بجواهر المعاني الذي قال في حقه سيد الوجود صلى الله عليه و سلم لسيدنا رضي الله عنه: كتابي هو, و أنا ألفته .
و بعد ما استقر سيدنا رضي الله عنه في مدينة فاس، وقضى نحو الشهرين منذ مقدمه ، أمر عن سيد الوجود صلى الله عليه و سلم تلميذه الأخص الذي هو خزانة أسراره ، سيدنا علي حرازم رضي الله عنه، بجمع كتاب جواهر المعاني وترتيب فصوله و تهذيب مسائله و تأسيس قواعده ، و ذلك بعد أن كان قد أمر سابقا بتمزيق ما جمع منه من المسائل الجليلة السنية لأمر اقتضته في ذلك الوقت أحواله الجلالية , فامتثل سيدي علي حرازم رضي الله عنه لأمره  رغم الإلحاح عليه بالمراجعة في ذلك من قبل خاصة الأصحاب و الأتباع, ولكنه لم يلتفت لذلك رضي الله عنه لقوت الباعث الى المحو و الإتلاف و لم تبق  إلا تقاييد بيد البعض من الأصحاب
فلما منّ الله تعالى بصدور الإذن في جمع جواهر المعاني انتفع صاحب الترجمة رضي الله عنه  بتلك التقاييد في كثير من فصوله و أبوابه .
فشرع  في جمعه و ترتيبه و تأليف مسائله وتبويبه بفاس في أوائل شعبان  و فرغ منه في أواسط ذي القعدة  من السنة الموالية لذلك العام و ذلك قيد حياة سيدنا  قدس الله سره و والى عليه سحائب الرضوان. و بعد أن فرغ من تأليفه أحضرالكتاب بين يدي الشيخ رضي الله عنه  فأجازه في سائر ما فيه  بخط يده  في مسجد ديوان.
فكان كتاب جواهرالمعاني بحمد الله محفوفا باليمن و الإسعاد ، منتشر الذكر، سني الفخر، عميم النفع في جميع الأسقاع و البلاد.
ولهذا يقول أحدهم  مرشدا إخوانه , عليكم يا معشر الإخوان و جماعة الأحباب مدة حياتكم بالدوام على مطالعة هذا الكتاب، فإنه كفيل بفضل الملك الوهاب، للمثابر عليه من طريق المحبة الخالصة بالوصول إلى معرفة رب الأرباب، و استجلاء عرائس الحقائق و نفائس اللطائف و الرقائق، و الولوج إلى حضرتها المنيعة من كل باب، فمن جد وجد لا محالة في يومه ما لم يجده أمسه ،و من قصر فلا يلوم إلا نفسه، و يكفي الأريب من شرف هذا الكتاب العجيب صدور تأليفه بإذن طه الحبيب، صلى الله عليه و سلم. مع ما اشتمل عليه من التنويه بضخامة شأن سيدنا رضي الله عنه، و فخامة أمره .. و من طالعه و نظر فيما تضمنه بعين الإنصاف، علم يقينا ما فاق به سيدنا رضي
الله عنه غيره من سني النعوت و  كمال الأوصاف  .
و من بركات هذا الكتاب الشائعة بين الأ صحاب و الإخوان، في سائر الأمصار و البلدان كثرة من دخل هذه الطريقة المحمّدية بسبب مطالعته و النظر فيه.
يقول أحد أصحاب سيدنا رضي الله عنه ,و هو من العلماء الفضلاء, قد شوهد لهذا الكتاب في المكان الذي يكون فيه من الحفض و سعة الأرزاق و كثرة السعادة و تحسين الأخلاق ما لا يجحده و يكابر فيه إلاغبي  أو ذو شقاق.
و من بركاته الظاهرة و كرماته الباهرة ما ذكره مؤلفه رضي الله عنه من أن سيد الوجود صلى الله عليه و سلم أوصى سيدنا رضي الله عنه بعد ما أمره بجمعه بأن قال له تحفظ عليه لينتفع من بعدك من الأولياء به .

و لما حصل الفتح الكبير لصاحب الترجمة رضي الله عنه أمره سيدنا رضي الله عنه بالسفر, وبالخروج من البلد الذي هوفيها، كما أمر رضي الله عنه بذلك كل من يحصل له ذلك المقام، قال سيدنا  رضي الله عنه   إذا فتح الله على أصحابي فالذي يجلس منهم في البلد الذي أنا فيه يخاف على نفسه من الهلاك فقال له بعض أصحابه منك أومن الله فأجابه بقوله من الله تعالى من غير إختيار مني ثم أخبرأن  الخوف المذكور هو على من أذن له من أصحابه في التصرف و التربية للخلق و أما غيره فلا خوف عليه من جانبه.

وكان خروج الخليفة المعظم سيدي علي حازم رضي الله عنه
من فاس إلى الحجاز من أجل ذلك, فأمره الشيخ رضي الله عنه بأن يقوم  بتربية بعض من كان  إذ ذاك في مصر  من أصحابه  و  أخبره بنيل مرتبة عظيمة و منقبة جسيمة لكن ذلك مشروط بمقابلة القبر الشريف فاشتاقت نفسه لذلك حتى احترقت كبده من شدة الشوق فبمجرد قربه للمقام الشريف على نحو المرحلة و ذلك ببدر  ذكر بعض الأسماء العظام التي لقنه سيدنا رضي الله عنه و اشترط عليه أن لا يذكرها إلا بعد المواجهة و الوصول لذلك المقام السعيد.

فرأى ما رأى و غاب عن حسه حتى ظن من معه أنه توفي فدفنوه  وبقي في قبره حيا سبعة أيام ثم توفي بعد ذلك . و قد أخبرسيدنا رضي الله عنه بذلك فقال كما في الإفادة الأحمدية سيدي الحاج علي حرازم وقعت له غيبة فتخيله أصحابه أنّه توفي فدفنوه.

و قال أيضا رضي الله عنه : و لو لم يدفنوه لسمعوا منه علوماً و معارف و أسراراً مما لا يخطر لهم ببال و لا يجدونه في ديوانٍ, ثم ان سيدي الحاج عبد الوهاب بن الأحمر و هو من جملة من كان معه في سفره رضي الله عنه حتى توفي ، أخبر أنّه لما ذكر سيدي الحاج علي حرازم  رضي الله عنه الإسم الأعظم الذي لقنه له سيدنا رضي الله عنه و اشترط عليه أن لا يذكره إلا في تلك البقعة الشريفة سقطت قواه و اندكت ذاته حتى انه سقاه حليبا لبناً فخرج من مسامه عرق و هو لبن كما شربه.

و التقى صاحب الترجمة  في  سفره هذا بالعارف بالله أبا إسحاق سيدي إبراهم الرياحي بتونس، و لقنه الطريقة التجانية, فنظم في مدحه, العلامة الجليل, قصيدة مطرزة ببعض شمائله فلما انشدها بين يديه , اعتراه من الحال ما لا يذكر و أسبل من الدمع ما هو من الوبل أغزر ، وقال هلم بمحبرة و قرطاس و وقع بخطه المشرف و الناس جلاس ما نصه ، يقول لك سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم: جزاك الله عني خيراً و عن نفسك خيراً و لك مني المحبوبية التامة و من الله جل جلاله و اتصل حبلك بعروة لا انفصام لها و لك من الله و مني الرضى التام و لك بذلك معارف و أسرار و سرور و السلام عليك و رحمة الله.

و لما وصل صاحب الترجمة الى تونس تزوج بشريفة  بأمرمن النبي صلى الله عليه و سلم .
ثم جاء الخبر أنّه طلقها لأمراقتضاه حال وكان يقع في باطن أحد الخاصة من الأصحاب  شيئا من جهة  تطليقه إيّاها و هوالذي كان رضي الله عنه يخبر بأنّ النبي صلى الله عليه و سلم زوّجه بها.  فكان الشيطان لعنه الله, كثيراً ما يكدّر عليه وقته بالوسوسة بذلك . وحدث أنه جلس يوماً مع الشيخ رضي الله عنه و لم يحضر معهما ثالث فطاب له الوقت بمحادثته رضي الله عنه و لان القلب و خشعت الجوارح فلم يشعر حتى ألقي ذلك الخاطر بباله و اشتغل به فكره و كدر عليه صفوه, فرفع سيدنا رضي الله عنه بصره إليه و أدنى رأسه منه و قال له كانت لا تصلي و لم يزيد على ذلك شيئا.  فأدرك أنّ ذلك هوالموجب لطلاقه إياها و أنّ النبي صلى الله عليه و سلم لم يقره معها لأجل ذلك .

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي