سيدي القطب الحاج علي التماسيني رضى الله عنه

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي

هو القطب الكامل والغوث الفاضل ذو الكرامات الجمة والفضائل الشائعة ، بدر السعادة وشمس الهداية التي تقتبس منها الأنوار في سبل المطالب ، ذو الكشف الصريح ، الشريف الأصيل أبو الحسن سيدنا الحاج علي بن سيدنا الحاج عيسى التماسيني رضي الله عنه . 
هذا السيد الجليل من خاصة الخاصة من أصحاب سيدنا رضي الله عنه ، المشهود لهم بالفتح الكبير في حياته وبعدها.ويرجع أصل سيدنا الحاج علي إلى ينبع النخيل بالمملكة السعودية ، ثم نزح أجداده الأولون إلى سجلماسة بالمغرب الأقصى ، ليستقر بهم المقام فيما بعد ببلدة تماسين بالجزائر ، التي ولد فيها ونشأ سيدنا الحج علي سنة 1180هـ الموافق لـ 1766م. 
وأول اتصال له بالشيخ رضي الله عنه ، تم عبر سيدي محمد بن المشري ، وذلك تحت الظروف التالية:
سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه، أودع سيدي محمد بن المشري ، أمرا وأمره أن لا يعطيه إلا لمن طلبه منه فتنقل هذا الشريف بين بني عمومته، عله يجد أحدا منهم ينال هذا الخير، إلا أنه لم يعثر على صاحب الأمانة بينهم، فرحل إلى وادي ريغ في تماسين،فالتقى بسيدي الحاج علي، وهو خارج من بستانه، فسلم عليه، واستضافه وتواعدا أن يلتقيا في المسجد بعد صلاة العشاء. وبعد الصلاة توجها إلى بيت سيدي الحاج علي، وتناولا العشاء، ثم طلب المضيف من ضيفه الأمانة التي أودعها عنده الشيخ الأكبر، فأنكر سيدي محمد بن المشري أولا اعتقادا منه أن مثل هذا الرجل ـ وهو لم يره من قبل ـ لا يصلح لتحمل هذا السر ولكن بعد أن لاطفه سيدي الحاج علي وألح عليه في الطلب تبين له أنه هو صاحب الأمانة، وأعطاه إياه وقال: “لا مانع لمن أعطاه الله” ، وكان ذلك سنة 1203 هجري عندما كان يبلغ من العمر 23 سنة.
فيما بعد ،مر وفد من أهالي قمار برئاسة الولي الصالح وأحد السابقين الأولين لاعتناق الطريق سيدي محمد الساسي بالقرب من تماسين في طريق عين ماضي لزيارة الشيخ رضي الله عنه ، اعترضهم سيدي الحاج علي وسألهم عن وجهتهم وأكرم نزولهم وقـدم لهم طعاما شارك في إحضاره ووعدهم أن يكون زائرا معهم في العام القادم .
جاء موعد الزيارة جاء وفد قمار كعادته قاصدا عين ماضي لحضور عيد الأضحى مع القطب المكتوم فوجدوا سيدي الحاج علي ينتظرهم للسفر معهم ، فوصلوا في أمان وبلغوا حــضرة المكتوم فانكب عليه سيدي الحاج علي باشتياق فأمسكه الشيخ رضي الله عنه  من طرف ثيابه وأجلسه إلى جانبه وكان ذلك سنة 1204هـ.

استولى حب الشيخ رضي الله عنه على ذات سيدي الحاج علي ولم يستطع الرحيل إلى بلده ومفارقة سيده، ولما ذكره من جاء معهم بأهله وأولاده قال لهم:” هم تحت نظره وهو أدرى بحالهم.”

بعد هذا لازم سيدنا رضي الله عنه سنوات طوال كان لا يقدم فيها إلى تماسيـن إلا شبه ضيف، وقت جني التمر، ثم يعود إلى ملازمة شيخه، وبقى على هذه الحال إلى أن بلغ مقامه الذي اصطفاه الله له واختاره للقيام به.
وبعد ذلك أمره سيدنا رضي الله عنه بالرجوع إلى تماسـين حيث قال له: “لما ترجع على خير إلى بلادك تماسين اشرع في توسيع دارك، واجعل محلا للصلاة و الذكر، واجعل كذلك محلات للواردين عليك، وأكثر من تأسيس الأبنية، فإنك تصير مقصدا يقصدون إليك الناس من كل النواحي، ولا تخف من ذي العرش إقلالا واستعن بالله على ذلك”. 
وبعد استقرار الشيخ رضي الله عنه بفاس ، كثيرا ماكان يقدم سيدي الحاج علي لزيارته ،وعندها يقدمه للإمامة في الزاوية مع كثرة من بها إذاك من الكبراء والفضلاء.
وقد اتفق له يوما في الصلاة شيء مما يخل بها فذكر ذلك للشيخ رضي الله عنه ، وكان ذاكر ذلك يستفهمه هل يؤثر ذلك خللا في صحتها ، فأعرض الشيخ عن جوابه على وفق ما أراد وقال:” ذلك رجل مفتوح عليه ! والصلاة خلف المفتوح عليه مقبولة .”وناهيك بهذا شهادة من الشيخ رضي الله عنه ، لهذا السيد تنويها بقدره. 
وحدث الشريف الأجل المقدم البركة المبجل خديم سيدنا رضي الله عنه سيدي الطيب بن محمد السفيان ، أنه في المدة التي ولاه سيدنا رضي الله عنه النيابة في الإنفاق على داره وقضاء حوائجه ، سأله الشيخ رضي الله عنه عن بعض إمائه ، وكانت مريضة. فقال له:”هل اشتريت لها الدواء؟ ” قال : “فقلت له:” يا سيدي قد اشترينا لها عدة من الأدوية فلم يظهر لها أثرولعل الأوفق لها هو الكتابة (يعني الرقية).” قال : فقال لي رضي الله عنه:” ومن يكتب لها؟ ، ثم قال رضي الله عنه:” ما رأيت من هو أهل لذلك إلا سيدي الحاج علي التماسيني لو كان حاضرا.” قال فقلت له :” وأنا أريد أن تأذن لي في ذلك ،  يا سيدي كل من أذنت له في ذلك سيدي الحاج علي. ” قال:” فلم يقبل مني ذلك وجعل رضي الله عنه يقول : وأين مثل سيدي الحاج علي يا فلان ؟!! ” ، وكررها منكرا علي ماقلته حتى وددت أني ما ذكرت له ذلك.وكفاه هذا من شهادة الشيخ بالخير والبركة.
ومن المتواتر عن صاحب الترجمة رضي الله عنه ، أنه كان بعد استيطان الشيخ رضي الله عنه مدينة فاس ، يأتي لزيارته بطريقة الخطوة ، حتى زجره رضي الله عنه عن ذلك ونهاه عنه ، وقال له : ” إن كنت تريد مواصلتي لله فلا تأتي إلا كهيئة عامة الناس بنعلين وعكازه مع رفقة تذوق جميع ما يذوقونه في الطريق من العطش والإعياء والخوف وغير ذلك.”
ومما حدث به بعض الخاصة من أصحاب سيدنا رضي الله عنه ، أن سيدنا الشيخ رضي الله عنه صلى العصر ذات يوم بباب داره ، وصلى معه جماعة نحو الثمانين من أصحابه وحين التفت من صلاته وأقبل بوجهه على من صلى معه ، لم يشعروا أن سقط بينهم عرجون تمر ، فنظر إليه الحاضرون ولم يعرفوا من أين سقط عليهم ، وتحيرت عقولهم ، فلما رأى الشيخ رضي الله عنه ذلك من حالهم قال لهم: ” هذا فعل ذلك الرجل ووصفه بالبهلول أو نحو ذلك.” ثم سماه لهم .
ولم اجتمع بالشيخ رضي الله عنه بعد ذلك فقال له الشيخ :”ما الذي حملك على فعلك هذا؟” فقال له:” يا سيدي أعذرني فاني كنت في ذلك الوقت في حائط لي والخدام يجنون التمر فرأيت ذلك العرجون فأعجبني فتمنيت لو أن يصل إلى دارك على حالته ، فحملني ذلك على أن رميت به وقلت له سر حتى تنزل بين يدي سيدي.” فزجره الشيخ رضي الله عنه ونهاه عن مثل ذلك.   
وبعد وفاة الشيخ رضي الله عنه ،ظهرت على صاحب الترجمة أثار الفتح الكبير وتصدى للتربية في الطريقة ، وظهر عليه فيضان وجداني لا يوجد مثله في كمل المشايخ ، فصار الناس يأتونه من سائر الأفاق للأخذ عنه والتبرك به ، وحدث له في يوم أن اجتمع عنده نحو مائتي رجل كلهم يطلبون التقديم في الإذن منه رضي الله عنه في اعطاء الورد ، وكلهم من الأفاق البعيدة .
وكان لصاحب الترجمة رضي الله عنه ، اليد الطولى في المكاشفة والتصرف التام. وكان كثير الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم .
 ونحكي هنا منقبة له عن رؤية الأولياء له صلى الله عليه وسلم : 
حدث يوما أن تجاذب رضي الله عنه أطراف المذاكرة مع بعض الإخوان ، فقال :” يا فلان إن من الرجال الحاضرين معك هذا الزمان من لا يفعل فعلا قل أو جل إلا على إذن منه صلى الله عليه وسلم من طريق المكاشفة والعيان ، حتى أنه لا يقوم لفراشه الذي ينام فيه إلا إذا أمره صلى الله عليه وسلم بذلك .”
وقد فهم عنه من سمع منه ذلك أنه يعني نفسه رضي الله عنه .
ويحكي سيدي أحمد العبدلاوي رضي الله عنه ، أنه كان مسافرا مع قافلة وله ثلاثة أحمال ، وكان حاكم البلاد يأخذ على حمل ريالا ، ولم يكن معه شيء من الدراهم يدفعه . فاستحضر همة صاحب الترجمة وسأل الله بجاهه السلامة مما يعوقه عن السفر ، ثم سافر مع القافلة ، فلم يبق أحد منهم إلا ودفع وجبته إلا هو ، مر ولم يدفع شيئا ، ولا طلب منه أحد شيئا .بل ستره الله عن أعينهم ، فلما بلغ سيدي الحاج علي قال له كالمذكر له :” يافلان هل دفع الناس للفرنسيين الأريلة ؟” فقال: نعم إلا أنا سترني الله عن أعينهم ببركة جاهكم عند الله .”
سيدي الحاج علي التماسيني رضي الله عنه ، كان لا يبرم أمرا من الأمور المهمة إلا بمشورة سيدنا أحمد التجاني رضي الله عنه . وكان هو بنفسه يصرح بأنه هو القطب بعد سيدنا رضي الله عنه لبعض خاصته ، وقد اشتهر في زمانه بذلك .
ويحكي سيدي العبدلاوي رضي الله عنه  أنه كان في يوم من الأيام مع صاحب الترجمة ، فأراد أن يطلب منه التقديم لتلقين الورد الشريف ونوى ذلك في خاطره قال : ” فبمجرد ما خطر ببالي هذا الخاطر التفت إلي وقال لي رضي الله عنه : “أنت مأذون في إعطاء الطريقة لكل من طلبها.” فحمدت الله على هذه النعمة العظيمة .” ، وهكذا كان يكاشف كل من يأتيه .

توفي رحمه الله سنة 1260 للهجرة ودفن رضي الله عنه بداره في تماسين ، ولا زال قبره تمطر عليه الرحمات في كل حين .

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي