سيدي العربي الأشهب رضى الله عنه

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي

الولي الصالح ذو السعي الرابح و المحبة الصادقة و الكرامات الخارقة و القدر الجلي و الفضل العلي و السعادة سيدي العربي الأشهب ، هذا السيد رحمه الله من أخص أصحاب سيدنا رضي الله عنه الذين كانوا عنده من المقربين الملحوظين بعين المودة عند جميع أصحاب سيدنا رضي الله عنه ، و قد كان سيدنا يبعثه لقضاء مهماته الضرورية و أغراضه الخصوصية حتى أنه لا يبرح باب دار سيدنا رضي الله عنه إلا بإذنه ، و كان قائما في النفقة على دار سيدنا …

واتفق أن صاحب الترجمة كان مارا في بعض طرق فاس صاعدا إلى دار سيدنا رضي الله عنه و معه نحو ثمانية أحمال من الفحم اشتراها لأجل طبخ المؤونة اليومية لدار سيدنا فصار كلما مر بطريق يقول بعض الفضوليين من أهل فاس هذا الفحم يستعمله  سيدي أحمد التجاني في  الكيمياء و الإكسير قاصدين بذلك تنقيص الشيخ رضي الله عنه ، وصاحب الترجمة لا يجيبهم إلى أن وصل لدار سيدنا فوجد الشيخ رضي الله عنه مع جماعة من أصحابه هناك فقال له الشيخ رضي الله عنه:” يا سيدي العربي ماذا سمعت  الناس يقولون لك ؟” فاخبره بقولهم فقال له الشيخ: “ نطلب من الله أن يسامحهم فيما يقولون.”

 فحاشا لسيدنا رضي الله عنه أن يتعاط  الكيمياء إلا أن كثيرا من الناس كانوا ينسبون إليه ذلك لما يرونه من إقبال الدنيا عليه مع كثرة ما ينفقه و لا يعلمون من أين له ذلك مع ما يرونه من أمارات ذلك كالقطّارات و أنواع الآلات المختلفة ، وليس ذلك كما يزعمون لأن سيدنا رضي الله عنه كان يقطر بها الأدهان التي تصح بها الأبدان كاستخراج دهن الآجر الذي يستعمل للأدواء المعضلات .
و قد حدث الشيخ العلامة الشريف الأصيل سيدي الحبيب الداودي أن سيدنا رضي الله عنه كان يعطي هذا الدهن الآجري بخفية لشيخ الركب المغربي التاجر الأبر السيد الحاج الطالب بن جلون ليداوي به المرضى من الحجاج و كان الناس يظنون أنه يأتيه من بلاد الروم و يعطيه لهم من خالص ماله إلى أن صرح لهم بذلك وأنه إنما يأخذه من سيدنا رضي الله عنه .
وكان صاحب الترجمة عند سيدنا بمكانة عالية في المحبة و قد أوصى به النبي صلى الله عليه و سلم عليه الشيخ رضي الله عنه ، وكان ملازما للشيخ في الحضر و السفر نحو العشرين سنة ، و لما توفي رحمه الله قال فيه سيدنا رضي الله عنه:” نعم الرفيق نعم الصاحب.” وحضر سيدنا جنازته بنفسه ، و بلغني أنه لما دفن أتى بعض أصحاب سيدنا لتعزيته و قال له:” يا سيدي إن مات سيدي العربي فكلنا مثله.” فقال الشيخ رضي الله عنه:” ما كان مثله و لا يكون.” ، و كفى بهذا شرفا لهذا السيد رحمه الله وهو مدفون بقباب باب الفتوح .
وبلغني أن سيدنا رضي الله عنه لما صعد لجنازته جلس وقت الدفن تحت شجرة زيتون هناك و هذه الشجرة مشهورة عند بعض فقراء فاس مقصودة بنية التبرك و قد اشتهر عندهم أن من اشتكى من وجع الظهر واستند إليها يبرأ بإذن الله .
واتفق لي (الراوي سيدي الحاج احمد سكيرج) مع بعض المتفقهين الذين بطروا بتمشدقهم أني  حضرت  في جنازة دفنت بالروضة التي دفن فيها سيدي العربي  الأشهب و سألت بعض الإخوان عن الشجرة المذكورة لأعرفها فقال لي ذلك المتفقه على طريق الإنكار و نحن جماعة جلسنا تحت ظلها ما محصله كان من حق علماء التجانية أن يأمروا بقطع هذه الشجرة كما قطعت شجرة الرضوان لئلا تعبد من دون الله فقلت له:” دع عنك هذا التفقه ، ألم يكن معروفا عند الخاص و العام من أهل السنة أن التبرك بآثار الصالحين محمود و لا يخاف على عوام المسلمين فساد العقيدة بالتبرك بنحو هذا فما بالك بغيرهم و أظن أنك بهذا القول أردت التبجح بعلمك على أنه موجود ماهو أقرب في ادعائك للعبادة من هذه الشجرة  كغار حراء الذي دخله النبي صلى الله عليه و سلم و الحجر الأسود و الأماكن المقصودة للزيارة فعلى مقتضى قولك هي أول ما تسعى في خرابه واندراسه ، ما أرى منك إلا نزعة اعتزال و قولة شنيعة تفضي للوبال.” ، فقام منكسا رأسه و الجماعة تلومه على ما صدر منه وفقنا الله لما فيه رضاه.

ولما توفي صاحب الترجمة رحمه الله أتى أولاده إلى سيدنا بأمانة داخلها تسعمائة محبوب ذهبا و دفعوها إليه و قالوا له:” يا سيدنا إن هذه بقيت من المال الذي تدفعه للمرحوم للنفقة على دارك.” فردها سيدنا رضي الله عنه و قال لهم:”رجل بقي مع رجل مدة من السنين و يوم توفي بقي عند أولاده شظية أيأخذها منهم ما هي شيء.”
ولسيدي العربي الأشهب أربعة أولاد قد سلكوا في هذه الطريقة مسلكه كانوا ملحوظين بعين التعظيم في كل سكون و حركة و كلهم محبوبون عند سيدنا رضي الله عنه.

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي