الفقيه سيدي محمد بن المشري رحمه الله

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي

هو العالم العلامة الدراكة الفهامة خزانة الأسرار العرفانية و ترجمان الطريقة التجانية الشريف المنيف أبو عبد الله محمد بن المشري رحمه الله تعالى.

كان رحمه الله من خاصة الخاصة من أصحاب سيدنا رضي الله عنه والواردين من منهل علومه  الوهبية و المطلعين على بعض أسراره الغيبية.

و قد اتخذه سيدنا رضي الله عنه إماماً في الصلاة ، و كاتباً له يقوم مقامه في الرسائل و الأجوبة و مؤلفاً لما سمعه أو عليه أملاه.

 كان أول اجتماعه بسيدنا رضي الله  عام ثمانية و ثمانين و مئة و ألف.

فخص منه وقتها بتلقينه إياه الطريقة الخلوتية ، و تلقى منه أسراراً و أذكاراً أخر حسبما أخبر بذلك عن نفسه رحمه الله و نفعنا به ، و بقي في صحبته من ذلك الوقت إلى أن توفي رحمه الله سنة أربعة و عشرين و مائتين و ألف. 

و هو الذي ألف كتاب “الجامع لما افترق من العلوم” و كتاب “نصرة الشرفاء في الرد على أهل الجفاء“.

و كان سيدنا رضي الله عنه قد اتخذه إماماً يؤم به في الصلاة لأنه رضي الله عنه كان في ذلك الوقت لا يحب أن يصلي إماماَ إلا إذا كان داخل داره  فيؤم أهل داره و عياله . 
و في عام ثمانية و مائتين و ألف تصدى للإمامة بنفسه رضي الله عنه لموجب قام به في ذلك الوقت.

وقد أخبر الثقات من أصحاب سيدنا رضي الله عنه أنه فعل ذلك بإذن من النبي صلى الله عليه و سلم ، و كان يقول رضي الله عنه :”أمرني من لا تسعني مخالفته أن لا أصلي خلف أحد ما عدا الجمعة.

و لهذا كان رضي الله عنه   إذا كان فرضه التيمم و حضرت الصلاة و هو مع أصحابه صلى بهم و الحال أنهم متوضئون ، ولكن بعد أن يقول لهم :”إنّ فرضي التيمم فإن شئتم أن تجتمعوا على إمامٍ فافعلوا .” 
فلا ينكر على من اجتمع إلى غيره و من صلى معه أقره على فعله بناء على قول ابن العربي و ابن الماجشون في ذلك . 
و كان صاحب الترجمة  قوي الحال في المحبة لجنب سيدنا رضي الله عنه  لدرجة  أنه لما مرّ و هو راكب على فرس  بضريح بعض أهل التصرف  بإذن الله  بالصحراء ، و كان من  أجداده رحمه الله تعالى ، فلم يزره .  فساخت بعض قوائم فرسه في الأرض . 
فالتفت إلى صاحب ذلك الضريح وقال له:” و الله ، حتى تسرح فرسي أو أشكوك إلى الشيخ يتصرف فيك!”. فسرحت الفرس كأن لم يكن بها شيء.

وهذا من غرائب أوصاف المحبة التي كان يكنها إبن المشري رحمه الله لسيدنا رضي الله عنه .

 

توفي صاحب الترجمة  رضي الله عنه في الصحراء سنة أربع و عشرين و مائتين و ألف.  
و قال مؤلف ” جواهر المعاني” في تحليته بعد ذكر صفات سيدنا رضي الله عنه ما نصه: 
“و من جملة صفاته رضي الله عنه أنه لا يؤم أحداً إلا أن يكون في داخل داره و عياله . 
و يصلي هو خلف الأئمة إلا أن يكون مانع شرعي ، كأخذهم الرشوة  أو غيره فلا يصلي وراءهم و هذا كان في ابتدائه و كان له إماماً و هو العالم العلامة و الدراكة الفهامة الجامع بين الحقيقة و الشريعة و الإفادة و علوم الطريقة خازن سره ، و حافظ عهده و محل وده و خليل أنسه أبو عبد الله سيدي محمد ابن محمد المشري الشريف المنيف الكامل العفيف الحسني السائحي السباعي أصلاً التقرتي الموطن من خط الجريد و هي معروفة من عمل اقسمطينة و دارهم دار علم و صلاح و رشاد و فلاح و لا زالوا إلى  الآن من العلماء العاملين و الأئمة المهتدين و جلهم أخذ طريقة شيخنا رضي الله عنه . 
و يقصدونه بالزيارة من بلدهم نحو عشرين يوماً أو أزيد و يأتون بالأموال العظيمة لسيدنا رضي الله عنه ، دراهم و كسوة و تمراً.

و قد وافيتهم مرارا متعددة عند سيدنا، و لا رأيت أحسن منهم سمتاً و ديناً و علماً، و جلهم علماء منذ عرفنا سيدنا رضي الله عنه و تأتيه الوفود من جميع النواحي و الهدايا ،   ما رأيت أحسن منهم في الأدب و التعظيم و حسن النية.

و يعاملهم سيدنا رضي الله عنه بما لا يعامل غيرهم من الأعراض عنهم و بعدم المبالاة لهم كما يفعل مع غيرهم. 
فكلمته رضي الله عنه في ذلك ، فقال لي:” ليسوا كغيرهم إنما يطلبون المقامات العلية و الأحوال السنية رضي الله عنهم.”

و لا زال هذا السيد رضي الله عنه مع سيدنا رضي الله عنه من سنة ثمانية و ثمانين و مائة و ألف إلى الآن و هو مع سيدنا بفاس عام ثلاثة عشر و مائتين و ألف …” 
و هو رحمه الله من بين  المفتوح عليهم في هذه الطريقة المحمدية قيد حياة سيدنا رضي الله عنه و لذلك أمره رضي الله عنه بالسفر من البلد الذي هو فيها . 
قال صاحب الترجمة  في كتابه” الجامع“:
” و سمعته رضي الله عنه يوماً يقول: 
” إذا فتح الله على أصحابي فالذي يجلس منهم في البلد الذي أنا فيه يخاف على نفسه من الهلاك.” 
فقال له بعض أصحابه:” منك أو من الله ؟” 
فأجابه بقوله  : ” من الله تعالى ، من غير اختيار مني . 

وقد سافر كما أمره سيدنا رضي الله عنه  لتلمسان و للجزائر و لأبي سمغون   و لعين ماضي بعد ما تسامح مع من بفاس من الأحباب .
و توفي رحمه الله تعالى  بعين ماضي و أمر سيدنا رضي الله عنه بتجديد الإذن لكل من أخذ عنه الورد حيثما كان.
و ضريحه رضي الله عنه بجانب ضريحي والدي سيدنا رضي الله عنهم أجمعين بعين ماضي  . آمين .

مقتطف بتصرف من” كشف الحجاب”  

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي