سيدي الشريف الطيب السفياني رضى الله عنه

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي

هو العارف الأكبر و الولي الأشهر ذو المحاسن والأنوار والمعارف والأسرار ، الفقيه الجليل الشريف الأصيل المقدم سيدنا الطيب الحسني الشهير بالسفياني رضي الله عنه.
هذا السيد الجليل من خاصة الخاصة من أصحاب سيدنا أحمد التجاني رضي الله عنه ، وهو مؤلف كتاب “الإفادة الأحمدية” التي جمع فيها بعض كلام سيدنا رضي الله عنه، ورتبها على ما تيسر له جمعه من حروف المعجم.
لقد كان رضي الله عنه ذا همة عالية المقدار خائضا لجة المعارف والأسرار، عالما جليلا فقيها نبيلا وليا كاملا له أتم معرفة بعلم التجويد.
ومما حدث به بعض أصحاب سيدنا أحمد التجاني رضي الله عنه ، أنه رأى صاحب الترجمة بعد وفاته ، فسأله عما فعل الله به ، فذكر له كرامة عظيمة وأنه ما فعل به إلا الخير، وأنه لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ، أسلم إليه صلى الله عليه وسلم بستانا عظيما في الجنات، ليعلم فيه القرآن الكريم للصبيان.
يرجع سبب أخذه للطريقة التجانية ذات المعارف الربانية ، أنه لما ذهب للحج ومر بمصر اجتمع هناك به المقدم البركة ذي الجناب المحترم أبي عبد الله سيدي الحاج محمد بن عبد الواحد بناني المصري ، ودخل عنده لمحله ، فاتفق أن وقع نظر صاحب الترجمة على كتاب جواهر المعاني عنده، فأخذه وصار يقرآه ويستحسنه ويتعجب مما اشتمل عليه من المعارف واللطائف ، ويتأسف كثيرا من عدم اجتماعه بسيدنا أحمد التجاني رضي الله عنه مع كونه في بلده.

 ولما رجع من الحج ذهب ليجتمع بسيدنا رضي الله عنه فذكر له عدة مناقب قوت يقينه في طريقة سيدنا رضي الله عنه وأزالت عنه الريب والشك, فمن ذلك أنه قال له:
” ما هذا التوان الذي فيك يا فلان ، حتى انك لم تسارع إلى الدخول في طريقتنا من أول وهلة، مع أني مربيك وكفيلك قبل أن تلدك أمك ، ولقد كانت أمك حاملة بك فسقطت يوما على شيء كاد أن يثقب جنبها ويؤذيك في جسدك فتلقيتها برفق ولين فلم يؤثر ذلك في جسمك تأثيرا  يؤدي إلى فساد الخلقة وتشويه الصورة بإذن الله تعالى وإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما أصابك بعض ضرر في رأسك ، ودليل ذلك وجود أثر فيه.”
وكان في رأس صاحب الترجمة حفرة ولم يدر ما سببها وقد ازداد بها. ثم انه سأل بعد ذلك والداته عنها ،  فأخبرته بأنه ولد بها وسببها ما أخبره سيدنا رضي الله عنه.
فحينئذ علم يقينا أن ما أخبر به سيدنا رضي الله عنه من جملة كراماته التي لا تحصى، وأن الفتح له لا يكون إلا على يده من غير شك ولا ريب فازداد فيه محبة وأسلم إليه الانقياد في حالتي الحضور والغيبة.
واتفق له مرة أنه كان ذاهبا للزاوية المباركة لأداء إحدى الصلوات الخمس، فبينما هو مار في الطريق إذ تلاقى مع بعض أصحابه من أهل وزان فحبسه ذلك الوزاني بالكلام فمر عليهم البركة الأجل الشريف سيدي موسى بن معزوز رضي الله عنه، فأخذ بيد صاحب الترجمة بعنف وقال له : “فات وقت إدراك الصلاة مع سيدنا رضي الله عنه.”, ومضى به للزاوية للصلاة فوجد سيدنا رضي الله عنه في الصلاة.
ولما فرغ رضي الله عنه من صلاته التفت لصاحب الترجمة وقال له قبل أن يذكر شيئا:”اترك عنك أهل وزان فانه لا يأتيك منهم إلا الضرر.” وكررها حتى قال:” أنا تائب لله.” وهذا كله تربية منه رضي الله عنه خوفا على سيدنا الطيب من أن يقع في عين القطع المؤدي لهلاك المريد بسبب التفاته عن نظر شيخه.       
 وأراد سيدنا رضي الله عنه بقوله له:” فانه لا يأتيك منهم إلا الضرر” بيان وجهة الأمر بعدم الاجتماع مع غير الشيخ من الشيوخ لتكمل له التربية ، وهذا معروف عند أهل التربية.
ولما استغرق صاحب الترجمة في خدمة سيدنا رضي الله عنه وترك الاجتماع مع أهل الطريقة الأولى التي كان عليها صار بعض أدعيائها من أصحابه يبحثون عن سبب ذلك ويأتون إليه فيرحب بهم وربما يذهب معهم إلى مواضعهم وهو كاتم لسره لا يبوح لهم بأمره فاتفق أن سيدنا رضي الله عنه بعثه يوما لوزان لأمر من الأمور فلما قدم من سفره تغيب أياما عن حضرة سيدنا رضي الله عنه ولما اجتمع به سأله عن سبب تأخير مجيئه، وأراد بذلك ظهور سر التربية إليه، فقال له:” يا سيدي لي أعذار منعتني من ذلك .” فسأله هلا وقع له شيء بسبب ذهابه لوزان فقال:” حاشا لله“, فقال له سيدنا رضي الله عنه :”سل قلبك.” فحينئذ رجع ليقينه ولام نفسه على ما صدر منه من التفريط وتاب إلى الله مما جنى بشماله ويمينه.
وكان سيدنا رضي الله عنه يحب صاحب الترجمة محبة خالصة ويثني عليه بين العامة من أصحابه والخاصة وشهد له بالشرف وكفاه بهذا شرفا وقد قام إليه مرارا تعظيما له واحتراما . وكانت عادة سيدنا رضي الله عنه إذا أراد أحد الاجتماع به وأتى إليه فان كان شريفا يقوم إليه سيدنا رضي الله عنه وإلا بقى على حالته حتى انه صار عند أصحاب سيدنا رضي الله عنه من العلامة على تحقيق شرف من أراد الاجتماع به قيامه رضي الله عنه إليه وربما يخرج من داره إلى بابها لملاقاته، وإلا يأمر بدخوله. وذلك كله زيادة في تعظيمه للبضعة المحمدية عليها السلام، ولا يعرف الفضل لذوي الفضل إلا ذووه. 
وكانت عادة سيدنا رضي الله عنه لا يمكن يده لأحد يقبلها خصوصا ساداتنا الشرفاء، واتفق يوما لصاحب الترجمة أن قبل يدي سيدنا رضي الله عنه على حين غفلة فأمره سيدنا رضي الله عنه أن يمكنه من يده ليقبلها، كلما قبل يده. فقال لسيدنا رضي الله عنه:” والله يا سيدي إن قطع يدي لأهون علي من أن تقبلها.” فقال له رضي الله عنه:” والله حتى تمكنني من يدك.” وقبلها رضي الله عنه. وانظر رحمك الله إلى أدب سيدنا رضي عنه مع ساداتنا آل البيت عليهم السلام.
وكان رضي الله عنه كثيرا ما يوصى على احترامهم واحترام الأولياء الأحياء والأموات مع شدة الأدب معهم رضي الله عن الجميع.
وحدث أن سيدي الطيب السفياني رضي الله عنه, سكن غرفة مقابلة لضريح مولاي إدريس رضي الله عنه. فسأله سيدنا رضي الله عنه عن هذا المنزل الذي سكن فيه كيف هو وهل هو صالح له ، فمدحه له صاحب الترجمة بكونه مقابلا للقبة الشريفة الادريسية فقال له سيدنا رضي الله عنه:”  لا تعطه برجلك تعظيما لجنابه رضي الله عنه“.
ومن عجيب ما وقع له مع سيدنا رضي الله عنه أنه طلب من سيدنا رضي الله عنه أن يدعو له أن يتوفاه الله على محبته فدعا له بذلك وقال له :”استعد للفقر جلبابا.” قال فمن ذلك الوقت صارت الدنيا تنقص من يده شيئا فشيئا وقلبه مطمئن بمحبة سيدنا رضي الله عنه عامرا بها أكثر مما كانت الدنيا بيده إلى أن توفي رضي الله عنه

أنشر على شبكات التواصل الإجتماعي